responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 6
بِاللَّيْلِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ بِالنَّهَارِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ فِيهِ، فَقَدَّمَ الْأَهَمَّ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَقَعَ الْبَعْثُ فِي النَّهَارِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ" ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ" أَيْ فِي الْمَنَامِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: إِنَّ إِمْهَالَهُ تَعَالَى لِلْكُفَّارِ لَيْسَ لِغَفْلَةٍ عَنْ كفرهم فإنه أحصى كل شي عَدَدًا وَعَلِمَهُ وَأَثْبَتَهُ، وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ أَجَلًا مُسَمًّى مِنْ رِزْقٍ وَحَيَاةٍ، ثُمَّ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُجَازِيهِمْ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ بِالْبَعْثِ، لِأَنَّ النَّشْأَةَ الثَّانِيَةَ مَنْزِلَتُهَا بَعْدَ الْأُولَى كَمَنْزِلَةِ الْيَقَظَةِ بَعْدَ النَّوْمِ فِي أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى أحدهما فهو قادر على الآخر.

[سورة الأنعام (6): الآيات 61 الى 62]
وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (62)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) يَعْنِي فَوْقِيَّةَ الْمَكَانَةِ وَالرُّتْبَةِ لَا فَوْقِيَّةَ الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوَّلَ السُّورَةِ. (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) أَيْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَالْإِرْسَالُ حَقِيقَتُهُ إِطْلَاقُ الشَّيْءِ بِمَا حُمِلَ مِنَ الرِّسَالَةِ، فَإِرْسَالُ الْمَلَائِكَةِ بِمَا حَمَلُوا مِنَ الْحِفْظِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ، كَمَا قَالَ:" وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ" [1] أَيْ مَلَائِكَةً تَحْفَظُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ وَتَحْفَظُهُمْ مِنَ الْآفَاتِ. وَالْحَفَظَةُ جَمْعُ حَافِظٍ، مِثْلُ الْكَتَبَةِ وَالْكَاتِبِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُمَا مَلَكَانِ بِاللَّيْلِ وَمَلَكَانِ بِالنَّهَارِ، يَكْتُبُ أحدهما الخير والآخر الشر، وإذا مَشَى الْإِنْسَانُ يَكُونُ أَحَدُهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْآخَرُ وَرَاءَهُ، وَإِذَا جَلَسَ يَكُونُ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ" [2] (الآية) [3] وَيُقَالُ: لِكُلِّ إِنْسَانٍ خَمْسَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: اثْنَانِ بِاللَّيْلِ، وَاثْنَانِ بِالنَّهَارِ، وَالْخَامِسُ لَا يُفَارِقُهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ [4] عَنْهُ):
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعِيشُ [5] شَقِيًّا ... جَاهِلَ الْقَلْبِ غَافِلَ الْيَقَظَهْ
فَإِذَا كَانَ ذَا وَفَاءٍ وَرَأْيٍ ... حَذِرَ الْمَوْتَ وَاتَّقَى الْحَفَظَهْ
إِنَّمَا النَّاسُ رَاحِلٌ وَمُقِيمٌ ... فَالَّذِي بَانَ للمقيم عظه

[1] راجع ج 19 ص 245. [ ..... ]
[2] راجع ج 17 ص 8.
[3] من ز.
[4] من ز، ع.
[5] في ك: سفيها.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست